16- ستاشر
وحشتوني جدًا، والبارت طويل أهو وأكيد مش مضطرة أوضحلكم سبب الاسم، اللي عنده اسم مناسب للبارت يكتبه يا جماعة عشان الفضايح اللي بتحصل دي❤️😂
الميمز بتنزل على جروب الفيسبوك، طريقة دخول الجروب، هتدخلوا ع الأكاونت بتاعي هنا، هتلاقي لينك الجروب في البيو ابعتوا طلب انضمام وأنا هقبله، وبس 🤷😂
رواية أربعة في واحد - الفصل 16 - ستاشر |
"هشام، رحمة متقدملها عريس،" قالت ليلى وهي تشبك يديها أمام خصرها وتطالعه بغضب فرفع رأسه عن الكتاب وأعطاها نظرة مبهمة "ألف مبروك! أعمل إيه يعني؟"
اشتعل الغضب في أعين ليلى أكثر وزمجرت "أنت ماعندكش دم يعني للدرجادي؟"
"بت، اتكلمي عدل بدل ما أقوملك!" صاح فيها لكنها لم تتراجع وأكملت بطريقة لا تجرح كرامة صديقتها "من الآخر كده أنا وماما مخططين نجوزهالك، هي مناسباك جدًا ومحترمة وبنت ناس."
رمقها هشام بسخرية واستهزاء واستهجن "مخططين تجوزوهالي؟ ليه؟ شايفيني بنت بضفاير ومستني حد يخططلي وياخد قرراتي بدالي؟"
صكت ليلى على فكيها بغضب وتذمرت "يعني هو أنت كنت أختارت حد ولا لمحت لحاجة وكنا قولنالك لا؟ أنت ما وراكش إلا الكتب والمذاكرة اللي ضيعوا نظرك!"
قطب هشام جبينه بضيق وأجاب "وده ما لفتش نظرك إن موضوع الارتباط ده مش في دماغي حاليًا؟"
"ليه؟ أنت خلاص كلها كام شهر وهتتخرج وهتبقى معيد!"
أخذ هشام نفسًا عميقًا وأخرجه بحنق وهو يرمقها بيأس ثم استسلم لأمره وقرر الشرح لها فأشار لها بيده أن تجلس
تحركت الأخرى نحو السرير وجلست على مضض في انتظار إجابة شافية فاستدار هشام بكرسيه ليقابلها
"ليلى، أنتِ مش شايفة الظروف اللي إحنا فيها؟ مش شايفة بابا قد إيه طالع عينه عشان جهازك؟ آجي أنا بمنتهى البجاحة اللي في العالم وأقوله إني عايز أخطب أنا كمان؟ ثم إني يستحيل أخد خطوة زي دي وأنا مش جاهز ماديًا ليها، مش هروح ألعب ببنات الناس! ومش هضغط على بابا أكتر من كده .. كفاية اللي هو فيه."
هدأت ليلى ورمقته بحزن وهمت لتتكلم "بس رحمة .." فقاطعها هشام
"رحمة ممكن اللي متقدملها يكون أحسن مني بمراحل، أنا عارف إنها معجبة بيا .. بس مش كل حاجة عايزينها بتبقى صح، أحيانًا تدابير ربنا لينا بتبقى أفضل، أنا شاب لسه في بداية طريقي وكل اللي مركز فيه حاليًا إني أبني مستقبلي .. على الأقل عشان أشيل الحمل عن بابا شوية."
اعتلى الإحباط وجهها ونظرت للأسفل نحو يديها التي تفركهما بدون راحة ولا تجد شيئًا لقوله، كان هشام محقًا في كل كلامه
"طب ما نقرأ فاتحة بس!" حاولت محاولة أخيرة فابتسم بحزن وتذكر كونه مهددًا بالرسوب وضياع كل شيء ثم نفى برأسه وتمتم "أنا مش ضامن مستقبلي، وحتى لو ضامنه، تفتكري تلات ألاف جنيه كل شهر هيجيبوا بيت وعفش وشبكة؟ حرام أعلقها جنبي وأوقف حالها."
أومأت بيأس ونهضت تلملم خيبتها ورحلت عن الغرفة لتتركه هو بمفرده ينظر أمامه بضيق يعتلي صدره، نعم .. ثلاثة آلاف جنيه هو كل مرتبه إذا تم ترشيحه معيدًا، وثمانية آلاف جنيه مستقبلًا إذا أصبح دكتور بعد عشرة سنوات!
لأول مرة يتنبه أن هذا سيجعله يفني عشرة سنوات أخريات في المذاكرة .. لكن أليس الأمر يستحق؟ أن يحقق حلم والده برؤيته دكتورًا في الجامعة له هيبته في أي مكان؟ ثم إن هذا سيفتح أمامه مجالات كثيرة، من بينهم السفر في البعثات الخارجية ..
وقعت عيناه على البطاقة الشخصية لوالد قيس الذي رحب به كي يعمل في مصنعه قائلًا بأن هذا سيعود عليه بأضعاف الدخل .. امتدت يده ليلتقطها عن المكتب وحدق فيها قليلًا وبدى وكأنه يفكر .. ثم عاد ووضعها جانبًا وركز نظره على الكتاب.
عادت ليلى نحو غرفتها والتقطت هاتفها بضيق ثم رمت بجسدها على السرير، لا تدري ماذا تفعل الآن؟ تخبر رحمة بأن تقبل العريس لأن شقيقها ليس جاهزًا لأي خطوة الآن؟
لكن كيف تمهد لها الأمر؟
هي حقًا تشعر بالتيه ولا تستطيع معرفة ما يجب فعله ولذلك فهي قد قررت الإتصال بمحمود على الماسنجر كي يستيقظ ويحادثها
لكنه لم يجيب إلا في المكالمة الرابعة وظهر صوته ناعسًا "أيوة يا ليلى؟ فيه حاجة لا قدر الله؟"
"لا، أنا بس .. كنت عايزة أتكلم معاك."
"حاجة مهمة يعني ماينفعش تستنى للصبح؟"
"لا، بس أنا كنت محتاجة أتكلم معاك!"
"ليلى، أنا ده يوم الأجازة بتاعي ومابصدق أنام فيه براحتي، تصبحي على خير، بكرة الصبح نبقى نرغي زي ما أنتِ عايزة ومادام مافيش موضوع مهم ياريت ماتتصليش بيا بالليل عشان ببقى نايم ومابحبش حد يصحيني، قدامك اليوم بطوله بس بالليل لا."
"أنا آسفة،" همست مبتلعة الغصة في حلقها فتمتم "حصل خير، سلام."
أغلقت الهاتف وشعرت بالضيق يعتليها أكثر، لقد أحرجها جدًا لكنها أحست بأنها المخطئة وبأنها لم يكن يجب عليها إيقاظه، لكنها كانت تريد شخصًا لتتحدث معه غير رحمة، بمن كانت ستتصل؟ لم يكن يوجد سواه للأسف ..
بدأت باللعب في أصابعها وبدأت شرارة الغضب تعلو في رأسها شيئًا فشيًا كلما أمعنت التفكير فيما حدث، لماذا قد حادثها هكذا؟ هي أبدًا لم تتصل به في ذلك الوقت المتأخر سوى هذه المرة! وهكذا يعاملها؟
اختلط غضبها منه بغضبها وحزنها بسبب هشام ورحمة والتقطت هاتفها ورنت عليه من جديد مقررةً توبيخه
أجاب بضيق متذمرًا "نعم يا ليلى؟"
"على فكرة بقى أنا عندي موضوع مهم لازم أكلمك فيه وهنتكلم دلوقتي لأنها حاجة تخص مستقبلنا والنوم مش هيطير والمفروض لما أقولك إني محتاجة أتكلم تسمعني."
كانت طريقتها هجومية كثيرًا وبدت مستشيطة غضبًا الآن رغم كونه لا يظن أن الأمر يستحق كل هذا الغضب!
فرك عينيه واعتدل في جلسته مجيبًا بنبرة حانقة تكتسيها السخرية "ما أنتِ صحيتيني وخلاص! اتفضلي يا ليلى .. ارغي .."
"أنا مش هقعد هنا سنتين لوحدي بعد الجواز، إحنا نتجوز ونسافر على طول، أنا موافقة أقعد معاك في الشقة الصغيرة بتاعتك اللي أنت قاعد فيها دلوقتي هناك."
"نعم؟! بس ده ماكانش إتفاقنا! أنتِ جاية تقولي كده دلوقتي؟"
"غيرت رأيي وشايفة إني مش حابة أتجوز وتقعد معايا شهرين وبعدين تسيبني وتسافر ولو على الشقة فأنا قولتلك إن ماعنديش مانع أقعد معاك في الشقة الصغيرة ونبقى نجهز شقة تانية براحتنا."
"ومين هيخدم أمي يعني لما آخدك معايا؟"
"وهو مين هيخدمها بعد سنتين لما أسافر معاك؟ ما بناتها يخدموها، ولا أنت فاكرني خدامة شاريها لمامتك؟"
"الأصول بتقول إن الزوجة تخدم أم زوجها."
"أنا لو كنت وافقت أساعدها فده تقدير مني ليها، إنما مش فرض عليا، لما أساعدها ده يبقى إحسان مني، إنما أنا مش مجبورة اشتغلها خدامة!"
"طب على فكرة بقى أنا مش موافق على كل الهطل اللي بتقوليه ده، وليا كلام مع أبوكِ مش معاكِ ... عشان أنا ماليش في كلام الحريم وإحنا بينا اتفاق،" قال وأغلق المكالمة في وجهها دون أن يعطيها فرصة للرد
اشتعل الغضب فيها أكثر لأنها بدأت تشعر بأنه يريدها كخادمة لأمه فعلًا .. وهي قد أقسمت بداخلها الآن بأنها لن تقبل بذلك الوضع حتى لو وصل الأمر لفسخ الخطبة، رغم كون أمها لن توافق على هذا لأنها تتطلع إلى تزويجها في أسرع وقت كي "تفرح بها." على حسب ما تقول والدتها دائمًا لكنها تعرف أيضًا أن أبيها سيقف في صفها مهما كلفه الأمر.
في اليوم التالي كانت سارة جالسة أمام أدهم في مقهى على النيل، الهواء البارد يحرك شعرها الأسود ليلصقه في وجهها لكنها ترفع يدها من حينٍ إلى آخر لتبعده عن بشرتها
كان الوضع متوترًا بينهما كثيرًا لأنه بالأمس أخبرها بأنه معجبًا بها وبعد بضع ساعات هي أيضًا قالت المثل
"أنا قولت لماما .." همست وهي تزيح خصلات شعرها عن وجهها فاصفر وحهه وتوتر أكثر ثم أزدرد لعابه وتمتم بنبرة حاول جعلها ثابتة
"وهي قالتلك إيه؟"
"فرحت جدًا وقالتلي إنها حبتك من أول مرة شافتك فيها في عيد ميلادي .. وكانت عايزة تقول لبابا بس أنا قولتلها إن ماينفعش نقوله من غير ما نقول لأدهم."
بدأ تنفسه يتسارع وأمسك بيده محاولًا السيطرة على نفسه ثم قال باندفاع "لا لا .. ماتقولوش دلوقتي .. أنا لازم أقول لجدي الأول .."
أومأت سارة بتفهم "عندك حق، أنا قولت لماما كده برضه."
حلت لفحة هواء قوية جعلت خصلات شعرها تلتصق بعينيها فلم تستطع إزاحتها فسارع الآخر بمد يده ليزيحها عن وجهها برقة، ابتسمت وأخفضت وجهها والخجل قد تمكن منها فابتسم الآخر وهو يتأمل ملامحها
"تعرفي إن ملامحك صافية؟ شبه روحك .." تمتم فجعلها تخجل أكثر وارتفعت ضربات قلبها في حين أن ضربات قلبه السعيدة قد تحولت لأخرى حزينة نادمة ومشفقة وتساءل، ماذا لو عرفت بما يجري؟ ماذا لو عرفت بأنه يخدعها؟
لكنه أدار رأسه إلى النيل وتساءل، أهو يخدعها حقًا أم أنه يخدع نفسه؟ أم أن كلاهما مخدوعان؟
وكم شعر بالخوف من اللحظة التي سيستفيق كلاهما من هذا الوهم الجميل لتراه سارة بأعين جديدة كليًا، لتراه كمحتال وكاذب يكذب عليها في مشاعره ليوقع بها
لكن مهلًا .. أهو حقًا يكذب في مشاعره؟ لو نعم فلماذا يشعر بقلبه ينبض بسببها؟
عاد بعينيه إليها وحدق في عينيها فابتسمت وقضمت شفتيها ثم حولت رأسها إلى النيل هي الأخرى.
في السادسة صباحًا في اليوم التالي كان هشام يقف أمام ذلك المصنع الكبير مرتديًا ملابس رسمية تكونت من بنطال أسود وسترة صوفية زرقاء اللون وهو يمسك في يده بالبطاقة يتفحص فيها العنوان جيدًا كي يتأكد من أنه لم يضيع الطريق وحين تأكد، عدل نظارته وتحرك للداخل، ولم يلبث أن كان جالسًا في مكتب سالم المرشدي والد قيس الذي أخذ منه ميعادًا اليوم.
"أحسن قرار أخدته إنك قررت تسيبك من الشغل الأكاديمي،" قال والد قيس فعدل هشام من نظارته وأجاب "أنا ما طلعتش الموضوع من دماغي لأن ده حلم والدي، بس شايف إنها فرصة كويسة عشان اكتسب خبرة من الشغل."
ابتسم سالم وأومأ بتفهم ثم فتح فمه بتردد "ما تحاول تقنع قيس ييجي هو كمان يتدرب هنا، وتبقوا سوا .. على الأقل مش هيزهق لو صاحبه معاه في نفس المكان."
"حاضر، أنا هحاول أكلمه في الموضوع ده في أقرب وقت إن شاء الله."
أعطاه سالم إيماءة يائسة ثم تخلى عن عبوسه هذا ومد يده ليضغط على الزر بجانبه ليستدعى سكرتيره وهو يقول لهشام "أستاذ وائل هياخدك ويعرفك على كل حاجة، أنت هتبقى في فترة تدريب الأول نظرًا لأنك ماشتغلتش قبل كده ولأنك مش خريج، بس لما تتخرج إن شاء الله هتجيب ورقك وهتتعين رسمي."
أومأ هشام ونهض عندما دخل أستاذ وائل الذي كان في الخمسون من عمره، مهندم الثياب والطيبة تكاد تقفز من وجهه، وقبل أن يخرجا سويًا استدار هشام لسالم وبدأ يشكره ويعده بأنه سيكون عند حسن ظنه وسيعمل بجدٍ كي يثبت نفسه هنا، فأثنى سالم عليه وأخبره بأنه يثق فيه ويعرف كم أنه مجتهد في عمله وإلا لم يكن ليصبح الأول على دفعته لأربعة سنوات متتالية، وحينما رحل هشام مع وائل أطلق سالم زفيرًا عميقًا كان يحبسه وبدأ يتذكر ولده الوحيد ويقارن بينه وبين صديقه فوجد أن شتان بينهما.
لم يكن التدريب في مصنع سالم المرشدي سيجور على وقت هشام بالكلية إطلاقًا، فهو سيأتي في السادسة وسيرحل في التاسعة لأنه مجرد تدريب، وبعدها سيتمكن من الذهاب إلى كليته لمباشرة محاضراته، وهذا ما كان يسعده ويريحه كثيرًا
لكن اليوم هناك شيئًا آخر يسعده فتقدم بابتسامة واسعة من أصحابه الثلاثة الذين يستندون على سيارة قيس حيث أحمد يشرب من سيجارة ويراقب المارة من الطلبة وأدهم يضع سماعات الأذن ولا يدري بمن حوله في حين أن قيس لا يفعل أي شيء ويبدو الملل على وجهه
"مالك؟ شكلك مبسوط يعني؟" تساءل أحمد وهو يخفض سيجارته وينفخ الدخان عاليًا فأومأ هشام وقال بابتسامة واسعة "أختي فركشت جوازتها."
كان قيس قد رفع يده ليشرب من زجاجة مياه فدخلت المياه إلى حنجرته وسعل بقوة وهو يرمق هشام بأعين جاحظة، ما الذي قاله للتو؟
"يخربيتك ومبسوط!" وبخه أدهم بعد أن أزال السماعة عن أذنيه فأومأ هشام من جديد مجيبًا
"أنا ماكنتش مرتاح للجوازة دي من الأول ولا موافق عليها، بس ماما قالبة البيت مناحة وقاعدة تعيط عشان الفرح كان فاضل عليه شهرين باين."
ابتلع قيس لعابه وسأل بقلبٍ مرتجف "وهي فركشت ليه؟"
بدأ هشام يقص عليهم كل ما حدث ثم أنهى حديثه ب "راح متصل ببابا قال إيه مفكر إن بابا هييجي على ليلى عشانه، مايعرفش إن ليلى دي الدلوعة بتاعة بابا أصلًا، راح بابا واقف في صفها وقاله لو مش عاجبك ابعت حد ياخد شبكتك ونفضها سيرة لأن بنتنا مش خدامة، ولو الموضوع ده تم فانسى إنها تنزل تخدم أمك، لأن أمك أصلاً ما شاء الله عليها بصحتها ومش محتاجة حد يخدمها، وبس يا سيدي، الموضوع اتفركش الحمد لله."
حك قيس عنقه وهو يحاول عدم الابتسام بصعوبة في حين ضحك أحمد وهو ينفخ الدخان من فمه ثم سخر "أنت ماكنتش بتحبه بقى على كده؟"
أومأ هشام فورًا وسارع بالإجابة "ده كان عيل سئيل ورخم."
ربت قيس على كتفه وتساءل "طب وهي متضايقة؟"
"هي أكيد متضايقة طبعًا، خصوصًا إنها أكتشفت إنه كداب وكلامه كله كدب بس حاسس إنها مابتحبوش للدرجة يعني، وبعدين أحسن .. أنا في قمة السعادة إن الجوازة دي اتفركشت .. أنا ماكنتش بطيق الواد خطيبها ده."
"ربنا يعوضها بواحد أحسن منه،" أضاف أدهم فتجعدت ملامح هشام وبدى مستاءً من تلك الدعوة ثم تذمر
"أنا مش عارف ماما مستعجلة على جوازها كده ليه! أنا لو عليا مش عايزها تتجوز أصلًا."
"ليه يعني؟" تساءل قيس وهو يبتلع لعابه فأجاب "هو كده، أنا بغير عليها جدًا ومش عايز واحد تاني ياخدها، ده يوم خطوبتها كان هاين عليا أمسك عريسها ده أضربه."
"أنت متخلف وأناني ياض أنت! ما أنت هتتجوز في يوم من الأيام وبعدين إيه ياخدها دي؟ هي لعبة!" زجره أحمد ثم أضاف "ما هي بني آدمة وعندها مشاعر! بطل تفكيرك الرجعي ده ماتبقاش كده."
تأفف هشام لكنه سرعان ما ابتسم وأخذ نفسًا مرتاحًا "أيًا كان، أنا مبسوط." فضحك قيس وهمهم "ربنا يديم انبساطك يا صاحبي."
"صحيح ياض، أبوك قالي اقنعك تيجي تشتغل معاه في المصنع، أنت مش عايز تروح ليه؟"
قلب قيس عيناه وتذمر "هو كل ما يشوف حد يعرفني يقوله البوئين دول!"
"ما هو عنده حق، مش المصنع ده هيبقى بتاعك في الآخر ولازم تعرف ماشي إزاي؟ ما تروح يا أخي بدل ما أنت صايع كده."
قطب قيس جبيه بعناد وصمم "لا مش رايح ومالكش دعوة بالموضوع ده، لو كلمك تاني قوله إني رفضت.".
عاد أدهم إلى منزله في المساء، حيا جدته وجده ثم ترجل لغرفته لكنه ما أن جلس لخمسة دقائق بمفرده حتى عاد ضجيج رأسه، التقط هاتفه وسماعة أذنه ونهض متوجهًا نحو الشرفة حيث وجد داليا تشرب سيجارة كالمعتاد، لم يكن قد دار بينهما حديث من قبل، رغم أنه كصاحبه يشعر بالفضول الشديد نحوها، من هي تلك الفتاة؟ ولماذا جائت إلى هنا؟ لماذا هي صامتة وتبدو شاردة الذهن دومًا وكأن لا شيء يعنيها في تلك الحياة سوى سيجارتها؟
حمحم فنظرت له بطرف عينيها ثم تجاهلته كعادتها، أخرج شيئًا من جيب بنطاله وفوجئت به يمد يده لها به، زحزحت عينيها فإذا به يعرض عليها قطعة من الشوكولاتة، ولم تكن لتقاوم حبها لمذاق الكاكاو في فمها فأخذتها بهدوء وتمتمت بامتنان
"شكرًا." فابتسم ومازحها "عفوًا."
وقفا قليلًا حين وضع هو السماعة في أذنه وشغل بعض الأغاني التي تسلل صداها لمسامع داليا وشعرت بأنها مألوفة لها ففاجئته بسؤالها "بتسمع إيه؟"
أزال إحدى السماعات عن أذنه ومد يده لها بها وهو يبتسم قائلًا "I will be there for you, من مسلسل friends."
وضعت السماعة في أذنها بابتسامة خافتة "ده مسلسلي المفضل."
ارتفعت شفتي أدهم بابتسامة مندهشة وبدت عليه الحماسة فقال باندفاع "بجد؟ وأنا كمان! بس كل ما بقول لأصحابي عليه بيقولولي إنه رخم."
رفعت كتفيها وهي تضحك "ده نفس اللي أصحابي قالوه بالظبط!"
"أنا معايا كل المواسم على اللاب بتاعي، بتفرج عليه كل شوية تقريبًا،" أضاف فلمعت عينيها وأردفت "طب ما تنقلهولي على اللاب بتاعي أنا كمان؟ عشان مكسلة أنزله وبتفرج عليه أون لاين."
أومأ بسرعة وكأنه قد حصل على شيءٍ ثمينٍ جدًا الآن بمعرفته أن هناك من يفضل نفس مسلسله التلفزيوني في حين أكملت هي الإستماع للأغنية وهي تراقبه بابتسامة جانبية، بدى لطيفٌ جدًا، يشبهها عندما يستحوذ موضوعٌ ما على عقلها، غير أنها مؤخرًا أصبحت تزهد في كل شيء ولا تعني بأية مسألة.