الفصل الخامس رواية أربعة في واحد PDF

الفصل الخامس رواية أربعة في واحد

وصلنا لـ الفصل الخامس من رواية أربعة في واحد لـ فاطمة عبد ربه وهو بعناون فتيان مهذبون و قالت الكاتبة انه فصل طويل، نتمنا لكم قراءة ممتعة و تحميل الفصل كاملا تجد رابط التحميل أسفل الرابط.

الفصل الخامس من رواية أربعة في واحد لـ فاطمة عبد ربه، كما يمكنك تحميل او قراءة الرواية كاملة PDF.

5- فتيان مهذبون

بارت طويل 😂❤
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقف قيس وأحمد أمام باب المنزل الواقع في حي شبرا والذي أخذوا عنوانه من هشام، هذا منزله، وهما هنا للمذاكرة لأجل المشروع اللعين على الرغم من ظنهما بأن هذا المشروع لن يفيد بشيء ما دام دكتور مصطفى هو مشرف القسم

" أومال فين الواد أدهم؟ " تساءل قيس فنظر أحمد نحو ناصية الشارع ثم أجاب " هو على طول بيتأخر في مواعيده، تلاقيه في السكة. "

صعدا بتردد في ذلك السلم الضيق حتى وصلا إلى الدور الأول حيث تقبع شقة هشام.

استدار أحمد لقيس وبدأ بتنبيهه " بص، عايزين نبان محترمين قدام الناس، ماشي؟ هشام شكله متدين وأكيد ده انعكاس من عيلته، يعني لازم نبان قدامهم مؤدبين. "

قلب قيس عينيه بضيق فأكمل الآخر " ده بعد إذن قلة الأدب اللي جواك طبعًا! "

" حاضر، همثل أني ابن ناس، " سخر قيس وهو ينظر بعيدًا فرمقه أحمد بدون فهم وسخر

" هو أنت ابن شوارع يا ابني! أنت مش المفروض ابن ناس أصلًا وأبوك رجل محترم له مركزه!! "

" ماتقرفنيش في عيشتي بقى بدل ما أفضحكم جوا، انجز مش كفاية داخلين نذاكر!!! " زمجر قيس بإسلوب هجومي فأعطاه أحمد نظرة مقروفة ثم أومأ ومد يده ليضغط على الجرس

بعد دقيقة بالضبط فتحت الباب سيدة كبيرة في السن ترتدي جلباب أزرق اللون وخمار أبيض ووجهها الأبيض المبتسم كان يشع بشاشة

" أكيد أنتم أصحاب هشام؟ " تساءلت فأومأ أحمد باحترام قائلًا بابتسامة هو الآخر " ايوة، إزي حضرتك يا طنط؟ "

بينما قيس وقف متلجمًا خلف أحمد ولم ينطق بحرف لكنه ابتسم بهدوء وأومأ هو الآخر

" بخير يا ابني الحمد لله، اتفضلوا .. هشام كان في الحمام بس فأنا فتحتلكم الباب، " أردفت وتنحت عن الباب وهي ما زالت ترمقهما بابتسامة واسعة، يبدوان مهذبان كثيرًا، وهي لوهلة فرحت لأن هذه أول مرة هشام يتحدث عن أصدقاء وما شابه؛ فلطالما كان يفضل المذاكرة بدلًا عن اللعب والتعرف على الأشخاص ولطالما كرهت هي هذا وحثته على مصادقة أي شخص.

خرج هشام من غرفةٍ ما يحييهما ثم عرفهما على والدته " ماما، ده أحمد وده قيس اللي قولتلك عنهم. "

" بتاع النعناع؟ " تساءلت بضحكة وهي تنظر لقيس فتوتر ونظر لهشام متساءلًا ما الذي أخبره لوالدته بالضبط؟

" أيوة يا طنط، دي كانت بنت غلبانة بتبيع نعناع في الإشارة وكده وصعبت عليا فاشتريت منها كل النعناع، " كذب بإحترافية وهو يتقمص الإحترام والتهذيب

" أصلك ما تعرفيش يا ماما قد إيه قيس قلبه طيب وحنين ويساع من الحبايب ألف، " أكمل هشام الكذب ساخرًا وهو ينظر لقيس الذي ضيق عينيه وأرسل له نظرة متوعدة في حين قضم أحمد شفتاه مانعًا ضحكة من الظهور

" ما هو باين عليه يا ابني، أومال فين التالت؟ أدهم؟ " استفهمت من جديد فأدرك أحمد أن هشام مقرب من والدته كثيرًا لدرجة أنه أخبرها عنهم جميعًا

" هو بيتأخر كده دايمًا، زمانه جاي، " أجاب أحمد ثم سحب قيس ضاحكًا " يلا يا بتاع النعناع. " ثم ترجلوا جميعًا نحو غرفة هشام التي وجداها ممتلئة عن آخرها بالكتب.

بينما في مكانٍ آخر كان أدهم يمشي في أحد الشوارع متجهًا لحي شبرا وهو يفكر في شيءٍ واحدٍ فقط، ماذا لو رسب بعد كل هذا؟ .. جده لن يدعه وشأنه وسيثبت له أنه مجرد طفل صغير لا يفقه شيء واختياره لكلية الهندسة رغم رفض جده لها كان بمثابة اختيار خاطئ!

إنه يشعر بأنهم سيرسبوا فعلًا، مهما ذاكروا ومهما كان مشروعهم جيدًا، لكن الأمل الوحيد الذي يؤكده أحمد أنه لو نجح بجعل سارة تلك تقع له فسيكون من السهل ابتزاز دكتور مصطفى لينجحوا بدون جهد

لكن هل سينجح بجعلها تقع له من الأساس؟ إن أحمد وقيس يحاولان تعليمه لكنه لم يتجرأ حتى الآن على مغازلة فتاة في الشارع!

ربما يجب أن يفعلها؟ .. هي ليست بالأمر الصعب على أية حال!

وقف في وسط الشارع، ينظر يمينًا ويسارًا بتوتر أثناء ابتلاعه للعابه محاولًا التهدئة من ضربات قلبه العالية ثم همس لنفسه مطمئنًا

" مش هيحصل حاجة يعني، والحمد لله الشارع مافيهوش ناس يعني ماحدش هيضربني، ومافيش أي ظابط يعني مش هيتقبض عليا .. أنا كده في السليم. "

أخذ شهيقًا عميقًا وعدل من قميصه الأبيض لكن أنفاسه بدأت تتسارع من جديد عندما وقعت عيناه على فتاة تمشي تجاهه، وكان سيتخلى عما سيفعل لكنه تمالك نفسه واستجمع شجاعته ووقف في مكانه يردد على نفسه

" الموضوع بسيط مش هيحصل حاجة. "

كانت الفتاة تمر من أمامه عندما همس بصوتٍ مبحوح " ما تيجي .. "

دعى بداخله أن تكون الفتاة لم تسمعه لكن دعوته ذهبت هباءً منثورًا عندما وجدها تتوقف وتستدير له ثم فوجئ بها تسأله " أجي فين؟ "

توتر أكثر وبدأ العرق يتكون على جبهته محاولًا إيجاد إجابة وفي وسط ذلك حاصرته الفتاة بنظراتها المتساءلة فأجاب باندفاع

" مش عارف، أحمد هو اللي قالي أقول لأي بنت كده على أساس أعاكسها .. "

" طب أجي فين ؟! "

" أنا أيش عرفني أنا! أحمد ماقاليش الحتة دي. "

رمقته الفتاة بإعجاب، وسيم لكنه يبدو أبله وخجول .. تركيبة لطيفة!

" طب ما تيجي أنت يا قمر .. " غمزت له فشعر بقلبه يسقط في قدميه وحمحم ثم أخرج هاتفه وقال لها " طب بصي ثواني بس ... "

ثم تحرك ليقف في زاوية أخرى واتصل بأحمد وفور إجابته همس

" أحمد أنا لسه معاكس واحدة وقولتلها ما تيجي زي ما أنت علمتني ودلوقتي البت بتسألني أجي فين؟ أقولها تيجي فين؟ "

توسعت أعين أحمد وأردف بدون تصديق " عاكست! بجد؟ يعني ثمرة تعبنا طرحت! "

تململ الآخر ثم تذمر " مش وقت استظراف خالص، قولي أقولها تيجي فين؟ "

" قولها تعالي وهاتها أنا هتصرف، " أجاب أحمد عليه بسخرية فتوتر الآخر أكثر ومسح العرق عن جبينه بالمنديل لكنه وجد الفتاة تتقدم منه من جديد

" ما تيلا بقى؟ " قالت بنبرة مائعة فخاف الآخر أكثر ثم جاءته سخرية أحمد من جديد

" الله يخربيتك أنا قولتلك أشقطهم مش تسيبهم يشقطوك! "

" وهو إيه الفرق ما كله شقط! وبعدين أهو على الأقل حد هيتشقط في الليلة السودة دي. "

" يعني عادي بالنسبالك البت تروح تقول لأصحابها إنها هي اللي شاقطاك! دي حتى مش حلوة في حقك! "

" طب أعمل إيه؟ " همس فأجابه الآخر " لا بص البت دي مش نوعك، شوف واحدة مؤدبة .. وهات البت دي وأنت جاي، عايزها في موضوع. "

" أنت غيرت رأيك ولا إيه؟ " قالت الفتاة وهي تقترب منه لتمسك بيده ففزع وتحرك بعيدًا ثم همس لأحمد " الحقني دي بتتحرش بيا!! "

" والنبي مش مكسوف من نفسك والبت هي اللي بتتحرش بيك! "

كانت الفتاة ستقترب منه مرة أخرى فصرخ فجأة " لا ابعدي عني ماتلمسينيش .. أنا دي أول مرة أعاكس ماكانش قصدي أشقطك أنا كنت بتعلم. "

سمع ضحكات أحمد العالية من الجهة الأخرى وفوجئ بالفتاة ترمقه بقرف واستهئزت به " شباب إيه دول! اجري يلا يا كتكوت .. بعدين مانتاش قد المعاكسة بتعاكس ليه؟ "

" خلاص أنا آسف والله مش هعاكس تاني. "

" ولا ولا .. ماتسيبهاش تمشي يلا!!! " صرخ أحمد في أذنه على الجهة الأخرى من الهاتف

" طب يعني أعمل إيه!! "

" قولها تجيب رقمها وعاكسها شوية و.. " كان سيكمل لكن أدهم مد يده بالهاتف إلى الفتاة وقال " طب بصي خدي أحمد معاكي هو بيعرف يعاكس كويس."

أخفض أحمد الهاتف ثم نظر للشابان أمامه وسخر " لا ابشروا، الثمرة طرحت خيبة. "

نظرت الفتاة للهاتف ثم لأدهم وسرعان ما رمته في وجهه " امشي ياض من هنا. "

التقطه بسرعة قبل أن يقع أرضًا وأعاده إلى أذنه وهو يصرخ على أحمد مقررًا تحميله المسئولية كاملةً " البت مشيت! عاجبك كده؟ "

" عاجبني أنا!! " توسعت أعين أحمد على الناحية الأخرى فأومأ الآخر وسخر " مش أنت اللي قولتلي أقولها ما تيجي؟ "

" وهي مش وقفت فعلًا وسألتك تيجي فين؟ ما جاوبتهاش ليه يا ترعة المفهومية؟ "

" ما أنت ساعتها البت ضربتك بالقلم وأتقمصت ومارضيتش تكمل الدرس! لعلمك، لو أنا فشلت في شقط سارة يبقى أنت اللي هتتحمل نتيجة الفشل ده عشان أنت قموصة. "

هربت الدماء من وجه أحمد وقال متراجعًا عن صراخه " لا تفشل إيه بس يا أدهومة! بعدين أنا فخور بيك جدًا عشان أتشجعت وأخدت خطوة المعاكسة دي لوحدك، أنت بجد أبهرتني .. "

سقطت ملامح أدهم الغاضبة وحمحم هامسًا بتردد " بجد ولا بتضحك عليا؟ "

" بقى أنا هقدر أضحك عليك يا أدهوم يعني؟ ده حتى الواد هشام وقيس بيسقفولك جنبي أهو، " قال ثم نكزهما ليسفقوا فسمع أدهم صوت تسفيق وصافرة من قيس مشجعًا

ابتلع لعابه براحة ثم ودعهم وأغلق الخط بعد أن أخبرهم بأن أمامه خمسة دقائق ويصل لهم، بينما الثلاثة على الجهة الأخرى نظروا لبعضهم بتوتر .. أدهم سيفشل بلا أدنى شك

" ماحدش يضايقه ولا يجيبله سيرة الموضوع ده، أنا هحاول أتصرف، ماشي؟ " حذرهما أحمد فهزا رأسيهما بحسنًا.

بعد عشرة دقائق سمعا صوت جرس الباب ثم أدهم يتحدث مع والدة هشام وبعدها فتح باب الغرفة ودخل وهو يحك عنقه بتوتر ملحوظ شاعرًا بأنهم ربما سيستهزئون به .. لكن هذا لم يحدث وكل ما حدث هو هشام الذي رحب به ثم وقف يحك يديه معًا بحماس ثم عدل من نظارته الطبية وقال

" نبدأ نذاكر بقى! ".

بعد ربع ساعة بالضبط أمسك قيس بالكتاب الذي في يده ورماه بعيدًا ثم نهض يفرد جسده " نآخد بريك بقى صح؟ "

" يا ابني ماكملناش نص ساعة!! " زمجر هشام ونهض له هو الآخر فاقترب قيس ولف يده على عنقه قائلًا بثقة " أثبتت الدراسات العلمية إن اللي بيذاكر كتير مخه بيفوت وهيبقى مجنون، يعني عشان ترضي أهلك تضيع مخك؟ "

" دراسات إيه دي؟ " زمجر هشام مرة أخرى وهو يزيح يد قيس عن عنقه فأجاب الآخر " دي دراسات عملها رجل أعمال وعالم كيمياء وكان له فيلم وثائقي على قناة ناشيونال جيوغرافيك. "

" مين يعني؟ "

" بابلو اسكوبار، " ضحك وضرب كفه بكف أحمد الذي ضحك هو الآخر قائلًا " لا حلوة! "

فتوقف هشام ونظر لهما بضيق وصمم " يلا هنكمل. ".

بعد ربع ساعة أخرى انتبهوا جميعًا لأدهم يرسم ورد وقلوب ونجوم في الكتاب وهو يبدو سارحًا في ملكوتٍ آخر، لكنه فزع من هشام الذي صفع يده وزمجر " ركز يالا، مش حصة رسم هي!! ".

ربع ساعة أخرى وبدأ أحمد يهرش في جسده كالمدمنين ثم أخفض الكتاب ونظر يمينًا ويسارًا بتوتر وبعدها امتدت يده لجيب بنطاله مخرجًا علبة السجائر والقداحة ووضع سيجارة في فمه بالفعل قبل أن يشدها هشام من فمه

" ماما هتشم السجاير وبابا زمانه جاي!! "

قلب أحمد عينيه وأومأ ثم وضع علبة السجائر مرة أخرى في بنطاله وبعدها وجدوا الباب يُفتح ودخلت أخته التي تضع الخمار على شعرها بصينية الشاي لكنهم كانوا مركزون على المذاكرة كما أن أحدهم لم يرفع عيناه لينظر لها احترامًا لهشام الذي استقبلهم في بيته، ورغم كون اثنان منهم يعتبران فتيان سيئان لكنهما على الأقل يفهمون جيدًا أنه من الذوق ألا يرفعا رؤسهما لينظرا لأخته

هذا حتى صاحت والدتها عليها من المطبخ " يا ليلىَ، نسيتِ الكيكة يا بنتي! "

وهنا رفع قيس عيناه عن الكتاب نحوها بطريقة لا إرادية فقط لأن الاسم قد لفت انتباهه بشدة، نظرة سريعة ووجد هشام يرمقه بنظرة حادة فابتلع لعابه ورجع بسرعة نحو الكتاب

جلباب وخمار ووجه أبيض دائري، هذا كل ما قد رآه

تحركت الفتاة للخارج ثم عادت بصينية أخرى موضوع عليها قطع كعك منزلي الصنع وعصير ووضعتهم أمامهم على الطاولة في حين كان قيس يحاول عدم رفع بصره بصعوبة لأن أعين هشام كانت له بالمرصاد ولا يعلم لماذا حقًا هو يريد رفع رأسه؟ ربما بسبب اسمها واسمه .. لقد سمته أمه بهذا الاسم لأنها كانت مولعة بقصص الحب السخيفة مثل عنترة وعبلة، روميو وجولييت .. قيس وليلى!! سخيف بشدة، والأسخف أن أمه تزوجت في النهاية برجل الأعمال سالم المرشدي الرجل العملي الذي لا تحركه العواطف مطلقًا حتى بهت عليها وأصبحت هي أيضًا تظن الحب شيئًا سخيفًا.

" عايز حاجة تاني؟ " سألت ليلى بنبرة صوت رقيقة فنفى هشام برأسه وقال بفظاظة " لا مش عايز واطلعي برا ماتجيش هنا تاني وخلي ماما هي اللي تجيب الحاجة مش أنتِ. "

اعتدل أحمد في جلسته ونهره " ايه يا بني آدم أنت؟ اتكلم باسلوب أحسن. " ثم توجه بكلامه نحو ليلى التي شعرت بالحرج " شكرًا يا آنسة ليلى. "

ثم تمتم أدهم مبتسمًا وهو يلتقط كأس العصير " تعبناكِ معانا. "

وهنا وجدها قيس فرصة سانحة فرفع رأسه متفحصًا وجهها اللطيف وعينيها الواسعة العسلية ثم حمحم " ممكن بس كوباية ماية؟ "

لكن هشام نهض مزمجرًا " بت، اطلعي برا يلا، وأنت يا زفت اطفح العصير ما هو فيه ماية برضه. "

" لا أنا ما بشربش أي حاجة فيها سكر عشان الجيم، وعايز ماية!! " تذمر قيس ثم تهكم " دي طريقة تعامل بيها ضيوفك يا عديم الذوق؟ "

أخذ هشام نفسًا عميقّا وأشار لها بأن تجلب كوب من المياه فأخفضت رأسها ورحلت

عادت له لتعطيه كوب المياه حينما ابتسم لها وقال " شكرًا. " فاومأت وخرجت بسرعة لتغلق الباب خلفها.

" هي دي أختك بس؟ ماعندكش أخوات تانيين؟ " تساءل وهو يرتشف من الكوب فضيق هشام عينيه ونفى برأسه " هي الزفتة دي بس. "

" ما تحسن ملافظك يا بني آدم أنت! ده أنا كان نفسي يبقى عندي أخت بنت عشان ادلعها مش أقول عليها زفتة! " تدخل أحمد فأومأ أدهم " البنات حنينيين. "

قلب هشام عينيه وسخر " قصدك زنانيين ومقرفين ونكديين ودراما كوين ...! "

" بس أختك شكلها هادية يعني ورقيقة ده حتى صوتها واطي! " جادل قيس

" أنتم ماحدش فيكم عنده أخوات بنات؟ " تساءل هشام فنفى أحمد وأجاب " عندي أخ ولد أكبر مني بس مسافر ألمانيا. " ثم تلاه أدهم " أنا وحيد ماعنديش أخوات خالص. "

تعلقت الأنظار على قيس الذي أجاب " عندي أختين بس الإتنين أكبر مني وواحدة منهم متجوزة. "

" على الاقل أكبر منك مش قارفينك في حياتك زي الكارثة دي، دي مزعجة إزعاج، بتتصل بيا في الشارع عشان تقولي هاتلي شيبسي وشوكولاتة وجيلي كولا وأي نيلة تخطر على بالها، ولو رايحة في أي مكان بابا بيوديني معاها غصب .. " قال بضيق فعقد قيس حاجبيه وتساءل مجددًا

" أنت بتروح معاها في كل مكان؟ " فأومأ هشام " يا ابني ده أنا حاسس إنهم خلفوني عشان أبقى الحارس الخصوصي بتاعها، بابا بيخاف عليها جدًا. "

" ما هو عنده حق يا هشام، اليومين دول الدنيا مش آمان، " تدخل أدهم فوافقه قيس بسرعة " أيوة صح يا أدهم، الدنيا بقت مليانة ولاد مش كويسين. "

" ده على أساس إن إحنا اللي كويسين باللي هنعمله في سارة؟ " قال هشام بضيق ثم طأطأ رأسه " أنا خايف يتردلي في أختي. "

وهنا زم أدهم شفتيه وعقد حاجبيه مفكرًا بعد أن أعتلت غصة سيئة حلقه وهو لأول مرة شعر بأن اختياره لفعل هذا كان جيدًا؛ لأنه يعرف أن قيس وأحمد يمكنهما أذيتها بصورة كبيرة .. لكنه أقسم بأنه لن يقوم بأذيتها .. ربما أذية أبيها الذي سيجعله يرسب إلى مالا نهاية بدون سبب لكن أذيتها هي فلا.

" يا ابني اللي هيعمل كده أدهم، أدهم مايعرفش يأذي دبانة أصلًا، فماتقلقش، " طمئنه قيس فتعلقت أنظارهم على أدهم بأطمئنان وسرعان ما رجعوا إلى الكتب لكن بعد فترة فُتح الباب وظهر رجل في منتصف الخمسينات من خلفه، يرتدي بذلة رمادية ولديه لحية سوداء خالطها الشيب كشعره وأعين عسلية

" بتذاكروا ولا بتلعبوا؟ " مزح وكأنه يحادث أطفالًا في الإبتدائية فضحكوا جميعًا ونهض هشام يعرف أبيه بهم

" أنتم هتتغدوا معانا بقى، " قال آمين والد هشام وقبل أن يجيبوا أكمل " خالتكم أم هشام طابخة محشي، مش هقبل بالأعذار .. الأكل بيتجهز تكونوا خلصتوا. "

ثم رحل وأغلق الباب خلفه وبعدها رجعوا للمذاكرة لكن أدهم رفع رأسه عن الكتاب فجأة وتكلم " باباك ومامتك طيبين جدًا، ربنا يخليهوملك. "

وافقه الإثنان الآخران فأومأ هشام بابتسامة واسعة ثم حثهم على الإكمال حتى انتهوا مما يجب أن ينجزوه اليوم وحينها وجدوا الباب يُفتح وظهرت ليلى من جديد تقول " بابا بيقولكم الأكل هيبرد على السفرة. ".

توجهوا للخارج حيث وجدوا السفرة ممتلئة بالطعام حقًا وقابلهم والد هشام وأمه بابتسامات وترحيبات كثيرة وإلحاحات على تناول المزيد من الطعام وسط جو أسري لطيف جدًا جعل أدهم يبتسم بصدق وهو ينظر لوالدي هشام بعاطفة شديدة، وجعل قيس يتساءل لماذا لا يمتلك هذا الدفئ في أسرته؟ بينما كان أحمد مستمتعًا بحديث والد هشام المرح معهم رغم كونه رجلًا كبيرًا في السن

" هي ليلى فين؟ " توجه هشام بسؤاله لأمه فأجابت " قالت مش جعانة. "

أومأ براحة وأكمل طعامه ثم نهضوا وودعهم لكن فور إغلاقة الباب وجد ليلى تخرج من غرفتها لتصرخ عليه " وربنا ما رضيت أهزقك وسط أصحابك بس! "

نظر لها من أعلى لأسفل وأستهزأ " اجري يا بت! "

أعطته نظرة مشمئزة وأردفت " امشي يالا! "

كانا سيبدئان بالتشاجر حتى صرخ عليهما والدهما فصمتا وشرعا بفعل حركات ساخرة بوجههما لبعضهما وقاطعهما عن ذلك آمين الذي نادى على هشام وبدأ بسؤاله عن قيس وأحمد وأدهم وعن أخلاقهم فأكد له هشام أنهم محترمين ومهذبين بشدة لأن لولا هذا لما كان أبيه سيسمح له بالتسكع معهم من جديد.