رواية أربعة في واحد - الفصل السابع - لـ فاطمة عبد ربه

7- عايم في بحر الغدر

أنا حرفيًا سخسخت من الضحك على كومنتات البارت اللي فات لدرجة قرأته تلات مرات عشان الكومنتس فقررت أكافئكم ببارت طويل 😂😂

ووحشتوني جدًا، بتمنى تكونوا بخير ❤

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان ثلاثتهم يركبون في سيارة قيس وفي طريقهم إلى شراء المواد الخاصة بالمشروع لكنهم ينتظرون أحمد الذي تأخر لنصف ساعة ثم وجدوه يركب بالخلف بجانب هشام

" أهلًا بالندل اللي سابنا وهرب! " قال هشام مرحبًا به فقلب أحمد عيناه ولم يجيبه ثم أشار لقيس بالتحرك

أدار قيس مفتاح السيارة ثم بدأ يتحرك

" إيه يابو خطط فاشلة متأخر على غير العادة يعني؟ " استدار له أدهم الذي يجلس بجانب قيس ساخرًا بضحكة مكتومة

أخذ أحمد شهيقًا عميقًا ونفخه ببطء ثم تجاهل أدهم هو الآخر وأشار لقيس متذمرًا " شغلنا الكاسيت. "

ضغط قيس على مشغل الأغاني فصدع صوت الأغنية في أرجاء السيارة " عايم في بحر الغدر، شط الندالة مليان ... "

نظر هشام وأدهم وقيس لأحمد الذي زم شفتيه ولم يلبث أن وجد ثلاثتهم يضحكون عاليًا فشبك يداه أمام صدره وزمجر " اطفي ياض أنت البتاع ده. "

" آه اطفيها عشان معانا هنا واحد لابس مايوه وعوامة وواقف في شط الندالة ولازم نراعي أحاسيسه، " قهقه هشام عاليًا فرمقه أحمد بطرف عيناه وبدى غاضبٌ جدًا

علق أدهم عينيه عليه في المرآة وبدأ يدرك أن أحمد مستاء فعلًا وربما ليس بسبب الأغنية فمد يده وأغلق مشغل الأغاني بهدوء واستدار له

" مالك؟ "

قضم أحمد شفتيه وتحرك برأسه له ثم ابتلع الغصة في حلقه وتمتم " أخويا كلمني وشدينا مع بعض عشان الشغل اللي هو جايبهولي في ألمانيا، لو سقطت سنة مش هيقبلوني. "

صمت ثلاثتهم لكن قيس أردف وكأنه يخفف عنه " أنا أبويا قالي لو سقطت سنة كمان هيقطع عني الفلوس وهياخد مني العربية وهيشغلني في مصنعه بألفين جنيه في الشهر! "

تراجع هشام بظهره إلى الأريكة ورفع رأسه للسقف وسخر بمرارة " وأنا مستقبلي هيضيع والتعيين هيضيع عليا. "

فوجئوا بأدهم يضيف هو الآخر " وأنا جدي من أول سنة في الكلية وهو بيهددني لو سقطت هيسحب ملفي ويدخله أكاديمية الشرطة زي ما هو كان عايز من الأول. "

" أنت جدك ظابط؟ " تساءل هشام فأومأ أدهم " لواء. "

" طب لو مسكنا دكتور مصطفى ضربناه جدك يعرف يخرجنا منها صح؟ " سأل قيس بأعين لامعة متحمسة؛ فلديه رغبة بضرب هذا الرجل حقًا

ظهرت ابتسامة جانبية على وجه أدهم وسخر " جدي تحديدًا لو عرف هيتبرى مني وهيوصيهم علينا في القسم وهياخدونا يفسحونا وبعدها هيستغل الفرصة ويسحب ملفي ويدخلني أكاديمية الشرطة. "

" طب ودخل جدك إيه أصلًا؟ فين أبوك؟ " استفهم قيس فطأطأ أدهم رأسه ونطق بنبرة مبحوحة محاولًا عدم التلعثم

" بابا وماما ماتوا في حادثة عربية وأنا عندي أربع سنين، وجدي وجدتي من ناحية بابا هما اللي ربوني عشان أنا ابن ابنهم الوحيد ومن ريحة المرحوم وهكذا ... "

صمت ثلاثتهم تمامًا شاعرين بالأسف كثيرًا على أدهم الذي تربى بدون أب أو أم، لم يعرفوا أنه يتيمًا والآن أستوعب هشام لماذا كان أدهم عاطفيًا جدًا تجاه والده ووالدته عندما كانوا في منزله

" شغلنا يا اسطا أغنية بحر الندالة تاني، أنا ندل فعلًا! " قال أحمد محاولًا التخفيف من الصمت القاتل الذي عم الأرجاء فضحكوا جميعًا وكان أولهم أدهم.

اشتروا المواد وعادوا للسيارة ففاجأهم أحمد متحدثًا

" على فكرة أدهم هيقابل سارة بكرة، أنا متابعها خطوة بخطوة، امبارح على الفيسبوك اتفقت هي وصاحبتها يتقابلوا الساعة واحدة بعد المحاضرة في كافتيرية كلية إعلام عشان تشرحلها حاجة مش فاهماها، هنعطل صاحبتها وبكدة هي هتكون لوحدها. "

توتر أدهم كثيرًا وبدأ يشعر ببرودة في أطرافه ولم يتكلم في حين استفهم هشام

" وأنت عرفت منين؟ أنت مهكر الأكاونت بتاعها ولا إيه!! "

" هي وأصحابها بيتكلموا في الكومنتات طول الوقت، تقريبًا مش معترفين بحاجة اسمها شات! وتصدق تهكير الأكاونت بتاعها هيبقى أحسن! أنا هشوف حد يعملي الموضوع ده. "

" هو لازم بكرة؟ " حك أدهم عنقه بقلق ملحوظ فشجعه قيس " أيوة، ولا عايز جدك يدخلك أكاديمية الشرطة؟ "

" يا جدعان هو ده منظر واحد يروح يعلق بنت!! " تذمر أدهم محاولًا التملص من الأمر بعد أن شعر أن الأمر أصبح جديًا هذه المرة

" يعني هو ده منظر واحد يبقى ظابط!! ده أنت بتتعاطف مع الفيران!! " قال هشام من الخلف فوافقه أحمد بجانبه " أنا لو منك أعلق البت أكرملي. "

طأطأ أدهم رأسه من جديد وشعر بأنه لن يستطيع التملص من ثلاثتهم مهما فعل كما أن فكرة الدخول لأكاديمية الشرطة أصابته بالقلق أكثر؛ فهو لن يستطيع أن يكون ضابط الشرطة الهمجي الذي يعنف المجرمين ويشتمهم بأفظع الكلمات ويضربهم لو تطلب الأمر، ولن يستطيع أن يكون ضابط خلوق؛ فلا مكان لضباط الشرطة الحساسين في تلك البلاد وينبغي عليه أن يكون صارم وحازم!

رفع رأسه أخيرًا وأومأ مجيبًا " تمام ماشي، هنتقابل فين؟ ".

وقف أدهم في اليوم التالي في التاسعة صباحًا أمام خزانة ملابسه متحيرًا لا يعرف ماذا يرتدي؟

لكن بعد خمسة دقائق من التفكير قرر أخيرًا.

على الجهة الأخرى وقف أحمد أمام باب تلك الشقة الفخمة التي تقع في الدور الأول من تلك العمارة الشاهقة الواقعة في حي الدقي، رفع يده وضغط على الجرس لنصف دقيقة ثم أزال يده وانتظر لدقيقة قبل أن تفتح الباب تلك المُسنة التي تمسك بعكازها وترتدي نظارة ورغم ذلك بدت جميلة كجمال الجدات الطيبات

" صباح الخير، ممكن أقابل أدهم؟ "

" صباح النور، أقوله مين؟ "

" أحمد صاحبه، " أجاب بابتسامة لكن نظراتها المتشككة نحوه أشعرته بأنها لا ترتاح له وانصدم عندما أغلقت الباب في وجهه فعقد حاجبيه ونظر يمينًا ويسارًا داعيًا بأن أحدًا لم يرى هذا

شعر بالراحة عندما فتح الباب من خلفه وظهر أدهم يحك عنقه بإحراج " اتفضل يا أحمد، معلش جدتي بس مش متعودة إن حد يجيلي وقلقت منك لأني في العادي ماعنديش أصحاب. "

أومأ أحمد متمتمًا بلا بأس ثم قاده أدهم لغرفته

" هو فيه حاجة؟ مش إحنا كده كده هنتقابل؟ " تساءل أدهم بدون فهم فابتسم أحمد بتوسع " جيت عشان أشوف هتلبس إيه وكده. "

" طب بص، أنا طلعت الهدوم وهدخل آخد شاور بسرعة وهألبس وأجي، " أجابه وهرول بسرعة متحركًا نحو المرحاض حينما نهض أحمد وبدأ يلف في الغرفة ليلقي نظرة هنا وهناك

الناظر لأدهم من الوهلة الأولى سيظنه من الطبقة المتوسطة ولن يتخيل أنه يمتلك غرفة رائعة كتلك حتى! .. ربما بسبب شخصيته الهادئة الخجولة!

تحرك نحو الشرفة المطلة على الشارع ووقف فيها ثم أخرج سيجارة وبدأ بتدخينها لكنه فوجئ بفتاة تقف في الشرفة التي بجانبه وتدخن سيجارة هي الأخرى

حركت رأسها تجاهه وسحبت نفسًا عميقًا من سيجارتها وأخرجته في الهواء ليتطاير مع تطاير خصلاتها البنية المموجة التي صنعت مزيجًا رائعًا مع بشرتها الحنطية المائلة للسمرة وعينيها السوداء وشفتيها الممتلئة

ابتسم واقترب من حافة الحائط الذي يفصلهما وأزال السيجارة عن فمه

" التدخين الصبح مضر للصحة! " مزح فرمقته بطرف عينيها وأجابت ساخرة" والاستظراف على الصبح مضر بالصحة برضه! "

أمال برأسه وضحك بخفوت ثم تمتم رافعًا إحدى حاجبيه بتحدي " والرخامة على الصبح أخبارها إيه معاكِ؟ "

احتقنت الدماء في وجهها ولم تجيب بل وقفت تكمل سيجارتها بهدوء وهي تمثل أنها تتجاهله، وكان على وشك التحدث مجددًا لكن صوت أدهم القادم من الداخل قاطعه فحرك رأسه لها وتمتم مستفزًا إياها أكثر

" نصيحة خففي سجاير ورخامة على الصبح. "

وقبل أن تجيب كان قد أطفأ سيجارته ورماها ثم هرب للداخل ووقف يطالع أدهم من أعلى إلى أسفل

وفي نفس الوقت كانت جدة أدهم قد وضعت أذنها على الباب تستمع لما يقولان؛ فهي لا ترتاح للمدعو أحمد هذا منذ رؤيته كما أن أدهم لم يكن له أصدقاء من قبل وقلبها يخبرها بأن شيئًا آخر يحدث.

كان أحمد بالداخل ما زال ينظر له من أعلى إلى أسفل بدون رضى " اخلع ياض الجرافتة دي، ده مش كتب كتاب خالتك هو!! "

نظر أدهم إلى المرآة ثم عاد لأحمد وخلع ربطة عنقه على مضض، لقد ظنها لطيفة!

" وإيه ده؟ مزرر قميصك لحد الآخر!! افتح أول خمس زراير، معروفة .. خمس زراير عشان نبين شعر صدرك .. بيجيب نتيجة شعر الصدر اليومين دول. "

" ما أنت ماعندكش وأملس! " تذمر أدهم فقال الآخر " بس أنت عندك ولازم نستغله، تعالى وريني. "

جحظت أعين جدته وتملك منها الهلع ووضعت يدها على فمها بصدمة.

" شمر أكمام القميص، " قال أحمد ثم نظر للبنطلون القماشي الرمادي اللون وسخر

" وايه البنطلون اللي انت لابسه ده؟ بنطلون جدك ده ياض؟ "

نفخ أدهم الهواء من أنفه وتذمر " ماله يعني البنطلون! "

" اقلعه. "

فور قوله لهذا وجدا الباب يُفتح وجدته تقتحم الغرفة وهي ترفع عكازها في وجه أحمد

" أنتوا بتعملوا ايه وبنطلون ايه ده اللي يقعله يا شاذ يا خسيس! أنا من ساعة ما شوفتك وأنا مش مرتحالك!! "

توسعت أعين أحمد بينما هرع أدهم نحوها ليحاول الشرح

" يا تيتا أنتِ فاهمة غلط .. " قال أدهم باندفاع لكنها زمجرت

" فاهمة غلط! أنا كنت شاكة فيك أنت كمان، إلا ما عمري شوفتك بتكلم بنت ولا حتى بتعاكس واحدة! وفي الآخر تطلع كده؟ يا خراب بيتك في ابن ابنك الوحيد يا سعاد! "

" يا سعاد أقسم بالله كل دي أوهام في دماغك، ماتكبريش الموضوع يا سعاد! " صاح أحمد من بعيد فرفعت عكازها في وجهه مرة أخرى

" أوهام!! أنا هتصل بجده ييجي يشوف المصيبة، وربنا لو طلع صح لنكون مجوزينك غصب عنك، " قالت وخرجت تبحث عن هاتفها فشعر أدهم بالرعب لكن أحمد لحق بها

" يعني هو لو شاذ فعلًا هتجوزوه ليه وتبلوا بنات الناس بيه؟ اتقي الله واخزي الشيطان يا سعاد!!! "

" يا تيتا والله ما فيه حاجة من اللي في دماغك دي! أنتِ فاهمة غلط! ده أحمد بينقيلي لبسي عشان رايح أقابل واحدة أنا معجب بيها! "

توقفت جدته ونظرت لكلاهما بشك فأومأ أحمد " آه والله! أصله كان لابس لبس عرة وهيطفش البت! "

هدأت قليلًا لكنها ما زالت تملك بعض الريبة فأكمل أحمد محاولًا إقناعها " بعدين في اتنين شواذ هيتقابلوا الساعة تسعة الصبح يا سعاد؟ "

" اخرس يا قليل الأدب، اسمي سعاد هانم! " زمجرت ورفعت عكازها من جديد فتمسك بأدهم وهمس في أذنه " ما تشوف جدتك يا عم! ".

بعد النصف ساعة كانا يخرجان من العمارة، أحمد بابتسامة واسعة وأدهم يتذمر غير شاعرًا بالراحة في ذلك البنطال الجينسي الضيق قليلًا ولا بالراحة تجاه منظره ككل

خاصةً بعد أن أجبره أحمد أن يفتح أزرار قميصه الأبيض وطبق أكمامه وجعله يرتدي سلسلة فضية وكان يريد العبث بشعره ليغير تسريحته ويصففه للخلف لكن الآخر رفض رفضًا قاطعًا وأبقى على خصلات شعره البنية الطويلة المائلة للأشقر مصففة للأمام كالمعتاد.

" أنت من هنا ورايح هتلبس كده، تمام؟ " قال أحمد وهو يخرج سيجارة اخرى فنفى أدهم " لا بقى وبعدين شكلي وحش أصلًا وذوقك عرة! "

لكنه فوجئ بفتاة تمر بجانبه وتغمز له " يخربيت القمر. "

ابتسم ببلاهة ونظر نحوها ثم لأحمد ولحق به قائلًا " بقولك إيه رجع شعري لورا أنا موافق خلاص. "

" لا خليك كده أحسن، شكلك كيوت وصايع في نفس الوقت، البنات بيجذبهم الميكس ده. ".

وصلا إلى الجامعة حيث اتفقوا على الإلتقاء وجدا هشام وقيس يمسكان بملابس بعضهما وقيس يزمجر " ياض هضربك وأنت كبيرك بوكس! "

" أنت اللي هتبوظ المشروع ده، ماعملتش ليه التاسك المطلوب منك؟ " زمجر هشام هو الآخر

" هنعمل مشروع ليه ما أحنا هنبتز الدكتور!! " صرخ قيس من جديد بالجملة التي قالها قبل أن تشتعل المشاجرة بينهما فجن جنون هشام للمرة الثانية لكن أحمد وقف بينها وفض النزاع

" ممكن تخرسوا ويلا عشان نروح الكافتيريا، زمان سارة هناك. "

نظرا لبعضهما بحنق لكنهما صمتا وتحركا خلف أحمد وأدهم على مضض حتى وصلوا جميعًا للكافتيريا وبعد البحث عنها بأعينهم وجدوها تجلس على إحدى الطاولات وهي تقرأ من كتاب في يدها

ارتفعت ضربات قلب أدهم ورغب بأن يستدير ويهرول بعيدًا لكنه تمالك نفسه وبدأ بتهدئة نفسه قائلًا أن كل شيء سيكون بخير ثم نظر لهم وسأل بتلعثم

" هو .. هو أنا يعني .. هكلمها في إيه؟ "

" من خلال خبرتي كدحيح وهي كمان دحيحة أقدر أقولك إن مفتاح البت دي عقلها، اشرحلها النظرية الفيزيائية لميكانيكا الكم هتنبهر بيك وهتفتكرك عبقري زمانك، " قال هشام بثقة وهذه المرة قيس هو الذي نظر له نظرة مشمئزة ثم عاد لأدهم ونفى برأسه

" سيبك منه ياض ميكانيكا الكم إيه اللي عايزك تشرحهالها هو أنت رايح تشقط فيثاغورث!!! أنت امسك واحد اضربه قدامها هتنبهر بيك وهتعرف إنك راجل وقوي وقادر إنك تدافع عنها ضد أي حد. "

ابتلع أدهم لعابه وهو ينظر لهما بيأس وحمحم " بس أنا مابعرفش أضرب وكمان مش فاكر بالظبط نظرية ميكانيكا الكم! هو أحنا خدناها في سنة كام؟ "

قلب أحمد عينيه ونظر لثلاثتهم بضيق ثم عدل من هندام سترته وأردف

" أدهم انسى كل اللي عيال دي قالوه وركز معايا ماشي؟ فاكر لما شقطتلك البت عملي من الكافيه والموضوع كان سهل؟ أنت هتعمل نفس اللي أنا عملته بالظبط. "

ابتلع أدهم لعابه من جديد، لا يعلم لماذا يواتيه شعورًا سيئًا وأحس كما لو أن الثلاثة يجربون فيه وربما سينتهي الأمر بصريخ الفتاة بأنه يعاكسها ويجد نفسه مضروب ومتكوم على الأرض في وسط الحرم الجامعي

" يعني ده هينجح بجد؟ " تساءل فأكد له أحمد " يعني نجحت مع خمسة قبلها ومش هتنجح معاها! اتكل على الله ثم عليا أنا عارف أنا بقولك إيه ده أنا عندي تسع إكسات. "

نظر أدهم ناحية الفتاة وشعر بأطرافه تبرد خاصةً عندما دفعه الثلاثة ووجد نفسه فجأة أمام الطاولة التي تجلس عليها سارة

كانت متصنمًا كالتماثيل والعرق بدأ يتكون على جبهته وضربات قلبه كانت تعصف ضد صدره ووقف بدون حراك يحاول تذكر ما الذي يجب عليه فعله.

بينما في مكانٍ آخر حيث الثلاثة يراقبونه تذمر هشام " هو ماله واقف زي الجحش الصغير كده ليه!!! "

" اصبروا يا جماعة ادوله وقته معلش أصل الأنثى الوحيدة اللي كلمها في حياته جدته ودي ولية قرشانة عندها ستين سنة، " قال أحمد بضحكة مكتومة وراقبوه من جديد.

انتبهت سارة للذي يقف أمامها منذ الثلاثة دقائق ويمسح العرق عن جبهته فرفعت رأسها له ونظرت له بصمت فتوتر الآخر أكثر وجف حلقه ثم حارب ليخرج بعض الكلمات

" ممكن .. ممكن لو مش هضايق حضرتك أقعد هنا عشان الترابيزات .. كلها مليانة؟ " سأل بصوتٍ مبحوح وهو يحاول عدم التلعثم فأومأت بصمت مما جعله يسحب كرسيًا أمامها ويجلس عليه وهو يأخذ شهيقًا عميقًا.

" الحقوا ده بيقولها حضرتك! ده لو أمه مش هيقولها حضرتك أساسًا!!! " سخر قيس فضحك الإثنان الآخران ثم تابعوا باهتمام.

لكن خمسة دقائق مرت وأدهم لم يفتح معها حديث بعد ... مرت ربع ساعة والآخر كان قد أخذ راحته وطلب عصير برتقال ولم يوجه لها أية كلمة ولا أي حرف

" بقولكم إيه، الواد ده هيودينا في داهية، ده فاكر نفسه في كوستا كافي وشوية وهيطلب مولتن كيك!! أنا هتصرف، " قال قيس وقبل أن يمنعاه الآخران كان قد تحرك متوجهًا ناحية طاولة سارة وأدهم

جحظت أعين أدهم الذي وجد قيس أمامه فجأة لكنه ارتعب فور غمز قيس لسارة ومغازلتها

" القمر قاعد لوحده ليه؟ "

نظرت سارة له ثم لأدهم فهب واقفًا ممثلًا الغضب " لوحدها إيه يا أعمى أنت! ما أنا موجود أهو!! "

" مش سامع حاجة الحقيقة، " قال متجاهلًا أدهم الذي يبدو نحيفًا جدًا أمامه ورجع بعينيه نحو سارة " ما تيجي نشرب هوت شوكلت في مكان تاني؟ "

" تصدق إنك قليل الأدب! " زمجر أدهم ثم اقترب منه وهمس بصوتٍ منخفض جدا " أنت بتعمل إيه يا متخلف أنت!!! هتبوظ الخطة!! "

همس له قيس أيضًا بسخرية " لا وأنت اللي هتنجح الخطة يا روح أمك!! "

راقبتهما سارة يتهامسان دون سماعها لما يقال لكن علامات الاستفهام غلفت وجهها

" أدهم، أنت عمرك اتفرجت على أفلام عربي؟ " همس قيس فعقد أدهم حاجبيه وأومأ بدون فهم ليصطدم بعدها بلكمة تلتحم بمنتصف وجهه من قيس فشعر بالدوار فورًا وسقط أرضًا على ظهره

وضع يده على أنفه الذي شرع ينزف بذهول وهو يتآوه بألم في حين هبت سارة لتتفحصه بهلع ونظرت لقيس لتصرخ في وجهه " حرام عليك يا حيوان! "

مثل قيس الغضب ونظر لأدهم ثم سخر " البوكس ده عشان تبقى تدافع عنها تاني. " وسرعان ما هرول بعيدًا متوجهًا نحو أحمد وهشام وفور أن اقترب أمسك به هشام وهمس بغيظ من تحت أسنانه

" ضربته ليه يا متخلف!! "

" دي جازاتي عشان حاولت أتصرف!! ما هو كان قاعد لا بيهش ولا بينش والبت كانت شوية وهتسيبه وتمشي! دلوقتي مش هتقدر تسيبه وهو مضروب بسببها! " زمجر قيس هو الآخر ودفعه عنه فحركوا رؤوسهم نحو طاولة سارة

وجدوها قد ساعدته ليجلس على الكرسي من جديد وهمست بتلعثم " أنا .. أنا آآسفة جدًا بجد .. "

ترقرقت عينيها وهي تحاول إخراج منديل من حقيبتها لتمسح به الدماء التي تسيل من أنفه لكن يدها المرتعشة منعتها ورفعت يدها تمسح عينيها لكي لا تبكي الآن؛ فالفتى وجهه وقميصه ويداه قد تلطخوا بالدماء بسببها!

هدأت نفسها وأخرجت المناديل أخيرًا وبدأت تمسح وجهه وعنقه وهي تتساءل بخوف وقلق " أنت كويس؟ "

أومأ وهو يجعد وجهه لكنه رغب بالصراخ بلا؛ فالوغد قيس قبضته سيئة بحق ولقد غدر به، شعر بأنه عائم في بحر الغدر فعلًا!

شعر بأنها على وشك البكاء فهدئها هامسًا " اهدي يا سارة ما حصلش حاجة. " فعقدت الفتاة حاجبيها ورمقته بصدمة " عرفت منين إن اسمي سارة؟! "

ابتسم وهو يزيل المنديل المتلطخ بالدماء عن أنفه ثم أشار إلى كتابها حيث كان مكتوب على غلافه (سارة مصطفى)

مسحت عينيها الدامعة وابتسمت هي الأخرى وهي تهز رأسها بالإيجاب فهمس " بالمناسبة، أنا أدهم، أدهم مقلاد. "

رمقته بابتسامة خجولة تلك المرة فنظر هشام وقيس وأحمد لبضعهم البعض بابتسامة واسعة ورغبوا بأن يصرخوا جميعًا بفرح لأن وعلى عكس توقعاتهم .. أدهم قد نجح بالتعرف على سارة وهذه أصعب خطوة لكن خمنوا ماذا؟ لقد كُللت بالنجاح الباهر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سارة ظهرت أخيرًا ومش هتسأل عليها تاني 😂🎉

انطباعكم عنها إيه؟ 😂

اللي هيقول عيوطة يفتكر بس إن أدهم لابس قميص أبيض غرقان دم 😂💔

وشايفين تصرف قيس كان صح ولا لا؟ 😂

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الثامن

Admin
Admin